فصل: بعث معاوية العمال إلى الأمصار.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.بعث معاوية العمال إلى الأمصار.

لما استقبل معاوية بالخلافة عام عدم الجماعة بعث العمال إلى الأمصار فبعث على الكوفة المغيرة بن شعبة ويقال إنه ولى عليها أولا عبد الله بن عمرو بن العاص فأتاه المغيرة منتصحا وقال: عمرو بمصر وابنه بالكوفة فأنت بين نابي أسد فعزله وولى المغيرو وبلغ ذلك عمرا فقال لمعاوية: يختان المال فلا تقدر على رده فعد فاستعمل من يخافك فنصب المغيرة على الصلاة وولى على الخراج غيره وكان القضاء شريح ولما ولي المغيرة على الكوفة استعمل كثير بن شهاب على الري بعده وكان يغزو الديلم ثم بعث على البصرة بسر بن أرطأة وكان قد تغلب عليها حمران بن زيد عند صلح الحسن مع معاوية فبعث بسرا عليها فخطب الناس وتعرض الناس وتعرض لعلي ثم قال: نشدت الله رجلا يعلم أني صادق أو كاذب ولا صدقني أو كذبني فقال أبو بكرة: اللهم لا نعلمك إلا كاذبا فأمر به فخنق فقام أبو لؤلؤة الضبي فدفع عنه وكان على فارس من أعمال البصرة زياد بن أبيه وبعث إليه معاوية يطلبه في المال فقال: ضرفت بعضه في وجهه واستودعت بعضه للحاجة إليه وحملت ما فضل إلى أمير المؤمنين رحمه الله فكتب إليه معاوية بالقدوم لينظر في ذلك فامتنع فلما ولي بسر على البصرة جمع عنده أولاد زياد والأكابر عبد الرحمن وعبد الله وعباد وكتب إليه لتقدمن أو لأقتلن بينك فامتنع واعتزم بسر على قتلهم فأتاه أبو يبكرة وكان أخا زياد لأمه فقال: أخذتهم بلا ذنب وصالح الحسن على أصحاب علي حيث كانوا فأمهله بسر إلى أن يأتي بكتاب معاوية ثم قدم أبو بكرة على معاوية وقال: إن الناس لم يبايعوك على قتل الأطفال وإن بسرا يريد قتل بني زياد! فكتب إليه بتخليتهم وجاء إلى البصرة يوم المهاد ولم يبق منه إلا ساعة وهم موثقون للقتل فأدركهم وأطلقهم انتهى ثم عزل معاوية بسرا عن البصرة وأراد أن يولي عتبة ابن أبي سفيان فقال له ابن عامر: إن لي بالبصرة أموالا وودائع وإن لم تولني عليها ذهبت فولاه وجعل إليه معها خرسان وسجستان وقدمها سنة إحدى وأربعين فولي على خراسان قيس بن الهيثم السلمي وكان أهل بلخ وباذغيس وهراة ويوشلخ قد نضوا فسار إلى بلخ وحاصرها حتى سألوا الصلح وراجعوا الطاعة وقيل إنما صالحهم الربيع بن زياد سنة إحدى وخمسين على ما سيأتي ثم قدم قيس على ابن عامر فضربه وحبسه وولى مكانه عبد الله بن حازم وقدم خراسان فأرسل إليه أهل هراة وباذغيس ويرشلخ في الأمان والصلح فأجابهم وحمل لابن عامر مالا انتهى ثم ولى معاوية سنة اثنتين وأربعين على المدينة مروان بن الحكم وعلى مكة خالد بن العاص بن هشام واستقصى مروان عبد الله بن الحرث بن نوفل وعزل مروان عن المدينة سنة تسع وأربعين وولى مكانه سعيد بن العاص وذلك لثمان سنين من ولايته وجعل سعيد على القضاء ابن عبد الرحمن مكان عبد الله بن الحرث ثم عزل معاوية سعيدا سنة أربع وخمسين ورد إليها مروان.

.قدوم زياد.

وكان زياد قد امتنع بفارس بعد مقتل علي كما قدمناه وكان عبد الرحمن ابن أخيه أبي بكرة يلي بكرة يلي أمواله بالبصرة ورفع إلى معاوية أن زيادا استودع أمواله عبد الرحمن فبعث إلى المغيرة بالكوفة أن ينظر في ذلك فأحضر عبد الرحمن وقال له: إن يكن أبوك أساء إلي فقد أحسن عمك وأحسن العذر عند معاوية ثم قدم المغيرة على معاوية فذكر له ما عنده من وجل باعتصام زياد بفارس فقال: داهية العرب معه أموال فارس يدبر الحيل فما آمن أن يبايع لرجل من أهل البيت ويعيد الحرب خدعة فأستأذنه المغيرة أن يأتيه ويتلطف له ثم أتاه وقال: إن معاوية بعثني إليك وقد بايعه الحسن ولم يكن هناك غيره فخذ لنفسك قبل معاوية عنك قال: أشر علي والمستشار مؤتمن فقال أرى أن تشخيص إليه وتصل حبلك بحبله وترجع عنه فكتب إليه معاوية بأمانه وخرج زياد من فارس نحو معاوية ومعه المنجاب بن رابد الضبي وحارثة بن بدر الغداني واعترضه عبد الله بن حازم في جماعة وقد بعثه ابن عامر ليأتيه به فلما رأى كتاب الأمان تركه وقدم على معاوية فسأله عن أموال فارس فأخبره بما أنفق وبما حمل إلى علي وبما بقي عنده مودعا للمسلمين فصدقه معاوية وقبضه منه ويقال إنه قال له: أخاف أن تكون مكروبا بي فصالحني فصالحه على ألفي درهم بعث بها إليه واستأذنه في نزول الكوفة فأذن له وكان المغيرة يكرمه ويعظمه وكتب إليه معاوية أن يلزم زيادا وحجر بن عدي وسليمان بن صرد وسيف بن ربعي وابن الكوا وابن الحميق بالصلاة في الجماعة فكانوا يحضرون معه الصلوات.